• المرأة: ما بين الصلب والقيامة... بقلم: سمر منصور سماوي
المرأة:  ما بين الصلب والقيامة...  بقلم: سمر منصور سماوي

في مقالي السابق، عن المرأة ما بين المطرقة والمنظور السماوي، تطرقت الى عدة حالات، كيف تعامل الله الاب ويسوع الابن مع المرأة، ومن التعليقات على مقالي، كانت إحدى الأمهات التي أثنت على كلامي وقالت لي: "النساء نصف المجتمع وأثرهنّ موجود بشدّة".  أنا أقول لتلك الأم، وهي أرملة عاملة تربّي خمسة أولاد، أمثالك أثرهنّ على كل المجتمع.. مثال يحتذى به، إمرأة لم تثبط عزائمها رغم تحدّيات الحياة والمجتمع.

ونحن اليوم، في فترة عيد القيامة نستذكر معًا الصورة عند الصلب، حيث كان الرب وسط آلامه وقمّة عمل الفداء، كانت النساء واقفات عند الصليب، لم يهربنّ رغم صعوبة الموقف، فيقول الكتاب: في يوحنا 19: 25 "وكانت واقفات عند صليب يسوع، امه، واخت امه مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية. 26 فلما راى يسوع امه، والتلميذ الذي كان يحبه واقفا، قال لامهيا امراة، هوذا ابنك». 27 ثم قال للتلميذهوذا امك». ولم يكن للرب الا أن يلتفت ويهتم بأمه القدّيسة مريم العذراء وسط آلامه وقمّة عمل الفداء. فقد أخلصت له أمّه رغم أنها كانت تستطيع أن تتركه لأنها قد أنهت مهمتها تجاهه، ويمكنها أن تذهب لتحيا حياة عادية، فها قد تمت النبؤه التي قالها سمعان الشيخ، بأن سيف الأحزان سوف يجيزها. لكن الرب، لأنه لا يبقى مديونًا لأحد، قد  أوصى بها وأعطاها هذا الامتياز بأن يهتم بها وهو في قمة آلامه وهو يحقق مشيئة الرب بخلاص البشرية.

وها بعد الصلب  بثلاث ايام، في أعظم حدث في التاريخ، قيامة الرب يسوع المسيح من بين الاموات، القيامة  التي هي أساس ايماننا،  فمن غير قيامة كرازتنا باطلة، من غير قيامة الهنا ميت، لكنّنا نحن نؤمن أن الرب يسوع المسيح له المجد قام من بين الاموات منتصرًا على الموت...  ففي النص الكتابي،  مثال: لوقا 24، نرى "نون النسوة" تتكرر في النصوص  الكتابيّة التي تشهد على أنّ  النساء كنّ أول من عرفنّ عن قيامة الرب،  وكانت مريم المجدلية  أول من رأته بعد القيامة.

القيامة، أهم حدث بالتاريخ الذي اظهر حقيقة سلطان الله على الحياة والموت وأنّ من يؤمن بالقيامة له الحياة الابديّة. في أعظم حدث في التاريخ، أول من شهد عليه  كنّ نساء... يا له من امتياز!

لم تخطط ألنساء أن يعلنّ القيامة، فشهادتهنّ أساسًا لم تكنّ مسموعة أنذاك. عرفنّ أن الرب قد مات وكنّ جاهزات أن يقدمنّ الحنوط... لكن لأن القيامة حقيقة وليست خرافة، انقلبت الموازين ، بشرنّ أن الرب قام ليصبحن أول مبشرات في قيامة الرب..هل يمكن انه في حدث كهذا أن يسمح الله بأن ينزل من قيمته؟ حاشا.. لو كان الرب ينتقص من قيمة المرأة لما كان يسمح أن تكون المرأة أول من يشهد عن قيامته. ان تكون شاهدة على ذلك، هو تعزيز للفكر أن الرب أعطاها قيمة والرب اعطاها دور في حياتها وخدمتها في الكنيسة والمجتمع بيتها وعملها.

ومن زاوية أخرى ، ففي الكتاب المقدس عدة  مفاهيم تثبت أن الكتاب المقدس موحى به من الله ولم يكتبه بشر وبحسب منطقهم البشري. ففي القيامة، عظمة  فكرة الخلاص والفداء بكل تفاصيلها، هي فكرة ليست بحسب الفكر البشري ومنطقه وفي كل التفاصيل حتى الصغيرة منها هي فكرة الهيّة ومنطقها فوق فكر البشر. وفي موضوعنا اليوم، لو كان شخص عادي يكتب رواية القيامة، من كان سيقول انه رأى الرب وشهد على القيامة؟؟

تُروى حادثة قيامة الرب في الأناجيل الأربعة،  وفي أربعتها يذكر انّ النساء كنّ اول الشاهدات. لو أنّ رواية قيامة الرب ليست حقيقة  لكان رواة الحادثة سيبجلوا القيامة بحسب التفكير والمنطق البشري ليصدقها الناس، كانوا سيخبّروا  أن أناسًا ذو قيمة اجتماعية مثل الكهنة او رجال دين هم أول من عرفوا بالقيامة. فإن كنت  تريد أن تقنع شخصًا بحدث ما، أما كنت تقول: حتى فلان يقول هذا؟؟ فنستشهد بكلام شخص له أهمية! حقيقة الرواية أن المرأة هي أول من عرفت عن القيامة،  وشهدت عنها، تؤكد أن هذا  كلام الله وليس البشر، تثبت أن منطق الله والوحي المقدس  فوق التفكير البشري.. ورواية القيامة هي حقيقة وليست خرافات بشر! قيامة الرب هي تحقيق لخطة الله وحقيقة مثبتة.

اختارالرب بمجده النساء ليعلن لهنّ القيامة وليس غيرهنّ!... لتصبحن هؤلاء النسوة أول المبشرات بقيامة الرب يسوع المسيح من الاموات، يا له من إمتياز!

فهلم للعمل يا نساء فنحن لا نحتاج لمناصب لنخدم الهنا المقام من بين الاموات... فهو من رفعنا وخلصنا، وندين له بما لدينا من مقدرات..

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع