• اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس... بقلم: بطرس منصور
اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس...   بقلم: بطرس منصور

لعل أكثر المقاطع حدة في كلمات الرب يسوع في الانجيل هي المتعلقة بالفريسيين ونهجهم المتصف بالناموسية. ان هذه الفئة من رجال الدين اليهود أدت بالرب ان يسميهم: "أولاد افاعي" وعميان قادة عميان"، "مرائين"، "تحملون الناس احمالا عسرة"، "تبنون قبور الانبياء"، "تأكلون بيوت الأرامل"، "قبور مبيّضة" وغيرها.

مقت الرب الصورة التي رسمها الفريسيون لأنفسهم فكانوا يركضون وراء الشكليات ويتركون المضمون. يتمسكون بالقشور وينسون الجوهر. كانوا يتسلحون بالتقني القانوني بدل المبدأ القانوني. عاشوا بمظاهر البر الذاتي والمجد الشخصي كرجال دين يعرفون الشريعة وتقاليد الدين القانونية الدقيقة. اعتبروا أنفسهم وكلاء للرب لا يشاركهم به أحد ويتحكمون بمصائر الناس ويصدرون الفتاوى التي تثقل كاهل الشعب. ولعل اقبح ما عملوه هو ادانتهم لغيرهم. كانوا يمارسون الاقصاء نهجاً وعقيدة. اصدروا الأحكام بحق الآخرين وبضمنهم الرب نفسه.

لقد شكل الرب يسوع نموذجا لشخصية ناقضت في توجهها طريقتهم. يسوع الانسان عمل بالنعمة: قابل الفريسيين والاغنياء والفقراء والزواني والعشارين والبرص وتوجه لجوهر قضاياهم وليس لأعراضها واشكالها الخارجية. فمثلا هاجم الكراهية في القلب كمصدر للقتل وحذر من الشهوة الجنسية اذ هي مصدر الزنا.

كما كسر الرب يسوع السبت مرارا وتكرارا لكي يعمل الخير وخاصة ليشفى المرضى وليخرج البؤساء من بؤسهم. كسر يسوع النواميس التي قيدت عمل الخير وذهب رأسا الى حيث يقدر ان يبارك ويرحم ويرفع ويشجع ويقيم. وبحسب ما قال بنفسه: "اريد رحمة، لا ذبيحة".

هل نقع اليوم في سياق حياتنا العصرية في مطب الفريسيين؟ هل نعتبر أنفسنا الابعد عن الناموسية لأننا مسيحيين وكنائسنا تؤمن بالنعمة بعيداً عن احمال التقاليد وطقوسها؟ هل هذا فعلا صحيح ام أننا نغش أنفسنا وأقمنا لأنفسنا نظاما يتسم بملامح ناموسية يكرهها الرب؟

اعطى الرب مثلا عن الفريسي والعشار (لوقا 18: 9- 14) وعلى شاكلة ما قاله الفريسي فيه، يمكن للفريسي العصري من الطوائف المسيحية ان يقول:

- اشكرك يا رب أني لست ناموسياً وان طائفتي هي الافضل.

-ان طائفتي هي الأكبر وهي الكنيسة العالمية القوية والتي تمثل المسيحيين وقوتها وجلالها وهيبتها تملأ الكون.

- ان طائفتي هي الاقدم وهي الأصل وكل الطوائف الأخرى انبثقت عنها وهي مستقيمة الرأي.

- انا طائفتي هي الاصح كتابيا ونعود للكنيسة الأولى. نحن الأنشط، لدينا علاقة شخصية مع المسيح ونعبد بالروح والحق.

- اشكرك اللهم انني من الناصرة مدينة المسيح التي دعي اسمه عليها. انظار العالم كله تتجه نحوها.

-اشكرك اللهم انني من مصر وهي التي كانت الملجأ للعائلة المقدسة من بطش هيرودس. 

-اشكرك اللهم انك انعمت علي بالمال الوفير والممتلكات وهذا بالتأكيد بسبب رضاك علي. اشكرك انك لم تجعلني فقيراً معدماً مثل ناس آخرين.

- اشكرك أني لا أشارك في اعراس العالم فحفلات الطرب والسهرات تحتوي السكر والخلاعة. كما ابتعد عن جنازات وألم يقل الرب "دع الموتى يدفنون موتاهم؟". اشكرك انى كرست نفسي لك بعيداً عن افراح واتراح الناس وبهذا  لست مثل باقي الناس العالميين. 

- اشكرك انك اعطيتني ان أشارك الناس افراحهم واتراحهم عملاً بالآية "فرحاً مع الفرحين وبكاء مع الباكين" وليس مثل باقي الناس المعتكفين والمتنسكين.

 

ليختبر كل شخص قلبه وليكنس الرب أي غبار ناموسية لصقت بنا بتغافل واهمال لمجد المسيح.

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع