• الصداقة بين يوناثان وداود (1 صموئيل 20) - القس حنا كتناشو

صداقة يوناثان وداود مؤثرة. فبعد أن انتصر داود على جليات بدأ يتعرف على العائلة المالكة. وصاهر الملك إذ تزوج ابنته ميكال وتعرف على يوناثان ابن الملك شاول. لقد تميز داود ويوناثان بالبطولة وبمحاربة أعداء الله، وارتبطوا معا بقرابة. وتوافقت أرواحهما من اللقاء الأول إذ ارتبطت نفس يوناثان بداود وأحبه كنفسه (1 صم 18: 1). وهذا النوع من الحب يخلو من الأنانية والمنافسة والغيرة. ويسعى إلى تعزيز الآخر وحمايته وطلب كل أنواع الخير له. وتمتنت العلاقة بعهد الصداقة (1 صم 18: 3). يا لها من بركة عظيمة، إنها بركة الصداقة.

                ولقد أظهر يوناثان أنه الصديق وقت الضيق. فعندما توترت العلاقات بين داود وشاول الملك، اختار يوناثان أن يقف مع الحق ولم يختار القبلية. لم يجادل قائلا: أنا وأبي ضد زوج أختي أو أنا وأبي ضد صديقي، وأنا صديقي ضد الغريب. ولكنه قال أنا مع الرب ومع الحق حتى ولو وقفت ضد أبي. وفعلا، تعرض الصديق داود للخطر إذ يخبرنا صموئيل 19 أن حياته تعرضت للخطر أربع مرات.

                أولا، قرر شاول أن يقتل داود فأخبر عبيده وابنه يوناثان. ولكن يوناثان خاطر بنفسه وأخبر صديقه وطلب منه الاختباء حتى تهدأ الأمور وحتى يتشفع من أجل حياته في محضر الملك. وفعلا، دافع يوناثان عن داود وحذر الملك ألا يخطئ ضد إنسان بار صنع الصالح للملك وللشعب وامتنع عن الطالح. اقتنع شاول وعادت المياه إلى مجراها الصحيح ولكن حياة داود ظلت مهددة. ثانيا، غار شاول من داود. فكلما نجح داود زادت رغبة شاول في قتله. فبعد انتصار داود في المعركة ومثوله في محضر شاول رمى الملك رمحه ليقتل داود. فهرب داود بنعمة الله. ثالثا، قرر شاول اغتيال داود زوج ابنته ميكال. فعلمت ميكال وأعانت داود أن يهرب من شباك البيت. رابعا، أرسل شاول الجنود ليمسكوا داود بعد أن هرب إلى صموئيل، ولكن روح الله تدخلت وغيرت مجرى الأحداث.

                بعد هذه المحاولات، صمم الملك أن يقضي على داود زمن الوليمة الشهرية. وهنا تدخل يوناثان مرة أخرى لينجي داود. خاطر بعلاقته بأبيه وخاطر بعلاقته مع السلطة الحاكمة إذ قد يعتبروه جاسوسا. وتحمّل الإهانة له ولأمه لكي يقف مع الحق ومع صديقه داود. ونجّى داود من الموت وبكى معه وتعاهد معه على الخير. لقد احتاج داود إلى يوناثان ليحقق خطة الله لحياته ولينجو من الشر في عدة مواسم.

                إن أسمى أنواع الصداقة هي تلك المؤسسة على المحبة الحقيقية والتعاهد الإلهي والتمسك بالحق والسلام وبمحبة الآخر كنفسنا. ونحتاج في رحلة حياتنا أن يرافقنا أصدقاء الإيمان وأن يسير البطل مع أبطال نظيره. فالحديد بالحديد يُحد. صلي معي أن يباركك الله بعلاقة صداقة تمجد الله وتبني ملكوته وتعطينا الفرصة أن نكرم الحق والعدل والسلام.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع