• هل تعترف بشرعية الكنائس الأخرى؟ بقلم القس حنا كتناشو
هل تعترف بشرعية الكنائس الأخرى؟ بقلم القس حنا كتناشو

ضعف "لاهوت الكنيسة" بين الإنجيليين وغياب دستور كنسي مفعّل وآليات حكيمة لإدارة وتوجيه النزاع نحو البركة ما يزال يستنزف طاقاتنا الروحية. فنصارع مع الانقسامات بين الكنائس والانقسامات داخل الكنائس المحلية والصراع بين القادة والشعب والصراع بين الكنيسة المحلية والإرساليات وغير ذلك. وللأسف يتحول الصراع إلى نزاع وخصام وانقسام بدلا من أن يتحول إلى طاقة نمو وتواضع وعطاء. وأشكر السيدة رلى خوري منصور التي ماتزال تعمل بفكر ثاقب في رسالتها للدكتوراة على دراسة طبيعة وأبعاد الصراع داخل بعض الكنائس الإنجيلية في إسرائيل. فمن الضروري أن ندرس ونحلل ونفهم ظاهرة الانقسامات الكنسية. ونفسرها من منظور لاهوتي ومؤسساتي وسياقي وغير ذلك. لن أتعامل مع كل هذه القضايا في مقال صغير على الانترنت أو ما يُعرف بالشبكة العنكبوتية. ولكني سأبرز جانبا آخر من ضعف لاهوت الكنيسة بين الإنجيليين وهو علاقتنا مع الكنائس أو الطوائف الأخرى سواء أكان داخل الحضيرة الإنجيلية أو خارجها. وطبعا أتحدث عن هذه المفاهيم من منظور إنجيلي واحد ولا أدعي أنني أمثل كل الإنجيليين. ولا أهدف إلا إلى تحفيز الفكر نحو لاهوت كنسي إنجيلي أكثر نضوجا وتأثيرا في امتداد ملكوت المسيح. 

مما يزيد أهمية هذا الموضوع، أن عدم وجود فكر موحد عند الإنجيليين بخصوص علاقتهم مع الطوائف أو العائلات الكنسية الأخرى يساهم في تردد هذه الطوائف في بناء علاقات مع الكنائس الإنجيلية  لاسيما في ضوء تعدديتهم المتشرذمة. 

بعض التصنيفات المحتملة هي:

الكنائس الحقيقية:                    لا تعترف بشرعية الكنائس الأخرى. نعتبر كنسيتنا فقط اتباعا حقيقيين للمسيح أما الكنائس الأخرى فهي هالكة وفي طريقها إلى الجحيم. الكنائس الأخرى هراطقة هالكون. نحن مؤمنون وهم هالكون. وعادة الكنائس الأخرى هي كنائس غير إنجيلية. ويرى أصحاب هذا الفكر أن أفضل توجه هو في هجرة الناس من الكنائس الهالكة إلى الكنائس الحقيقية. وهذا هو مفهوم التبشير الذي ساد لسنوات طويلة. وتعتبر بعض الكنائس "الحقيقية" أن بعض الكنائس الإنجيلية الأخرى ضالة ولكن نعمة الله ما زالت تعمل فيها.

الكنائس المتفوقة المتشددة:     لا تعترف بشرعية الكنائس الأخرى بل ببعض أفرادها. نعتبر كنيستنا متفوقة في فكرها وسلوكها وقناعاتها عن الكنائس الأخرى. وربما سر تفوقنا هو تمسكنا بكلمة الله أو حضور الروح القدس أو غير ذلك. الكنائس الأخرى في ضعف ولكن بعض الأفراد مؤمنون حقيقيون. وعادة لا يوجد أي علاقة رسمية على المستوى الكنسي مثل المشاركة في العشاء الرباني أو تبادل الوعاظ أو غير ذلك. 

الكنائس المتفوقة المنفتحة:      تعترف بشرعية ناقصة للكنائس الأخرى. تعتنق كنيستنا الإيمان الصحيح والحقيقي كما يعلنه الكتاب المقدس أما الكنائس الأخرى فإيمانها مشوه وناقص على خلاف كنيستنا.  إلا أنها تعتبر الكنائس الأخرى كنائس مسيحية في ضعف فلا تتعامل فقط مع الأفراد بل مع الكنيسة. ويكون عادة التعامل بحذر وبفوقية. 

الكنائس المسكونية المحافظة:  تعترف بشرعية محدودة للكنائس المسيحية الأخرى. وتسعى إلى الوحدة المرئية للعائلات الكنسية المختلفة دون التخلي عن قناعاتها اللاهوتية والتاريخية. وعادة تنظر إلى الكنائس الأخرى كأخوة وأخوات دون استخدام مقياس التفوق للمقارنة بين الكنائس. تحاول هذه الكنائس أن تجعل المحبة والتواضع دربا للتواصل مع الكنائس المسيحية الأخرى.  ولكن تفاصيل هذه العلاقة مازالت تحتاج إلى الكثير من الشرح والايضاح. 

الكنائس المسكونية المتحررة:    وهي كنائس تعترف بشرعية كاملة للكنائس الأخرى وشرعية محدودة للأديان الأخرى. وتتحاشي هذه الكنائس أو مؤسساتها الحديث عن الفروقات أو الخصوصيات اللاهوتية مفضلة الحديث عن العمل الاجتماعي المشترك أو ما يجمع الفرق المختلفة.   

 

لم أكتب هذا المقال لأصنف "الطوائف" أو العائلات أو المؤسسات الكنسية، مهما كان لون وفكر كنيستك وحتى ولو كانت تنتمي لعلبة فكرية أخرى لم أتحدث عنها أعلاه إلا أننا نعيش في عصر يفرض علينا أن نسأل عدة أسئلة:

(1) هل اعترف بشرعية الكنائس الأخرى؟

(2) ما نوع الشرعية التي اعترف بها؟ أهي كاملة أم ناقصة؟ أم غير ذلك؟

(3) ما مسؤوليتي تجاه الوحدة المسيحية والكنائس الأخرى؟

(4) ما حدود تفاعلي وشركتي مع الكنائس الأخرى؟

(5) كيف أكون بركة حقيقية للكنائس الأخرى وأخدمها بمحبة وتواضع؟ 

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع