• هَلْ يُحِبُّنِي اللهُ؟ - المحامي، مارتن كورش تمرس لولو
هَلْ يُحِبُّنِي اللهُ؟ - المحامي، مارتن كورش تمرس لولو

في الكثير من الأوقات يسأل الواحد منا نفسه:

  • يا ترى هل يحبني الله؟ إن كان كذلك فلماذا لا أصبح غنيا؟

مثل هذا السؤال لا يخلو من المنافع المادية. ففي حب الله لي أريد أن أرى نفسي وقد غدوت غنيًّا بين ليلة وضحاها، أو تبوأت مركزًا مرموقًا، أو ملكتُ سلطة كي أستولي على ما لا يحق لي، سلطة حولتني إلى شخصٍ يشار إليه بالبنانِ! يا لتعاستي أنا العبد الخاطئ أنظر إلى محبة الآب السماوي، بمنظار المنفعة الشخصية وأولها المال. هذا هو تفكير الناس الخطاة المتمسكين بملذات الدنيا غير داركين مقاصد الله فيهم، وما أن يدخلوا تجربة حتى تراهم يتذمرون متناسين أن الله لن يخذلهم "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا." (1 كورنثوس 10: 13). وهو "الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ." ( 2 كورنثوس 1: 4").  

قد يقول قائل من بيننا:

  • هل الغنى مكروه؟

الجواب:

  • طبعا لا. بل حب المال هو المكروه. الذي وفقه يتحول المحب إلى عبد. لقد حذرنا الله في كتابه المقدس، من الوقوع في حب المال "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ،" (1 تيموثاوس 6: 10).

وقد ينبري قائل آخر من بيننا ويقول:

  • أنا لا أريد المال ويكفيني ما عندي من دخل أعيش وأسد به احتياجات أفراد عائلتي. لا أريد الغنى لأني أخاف أن أضعف أمام ملذات وشهوات الدنيا. لكني في نفس الوقت لا أريد أن أكون فقيرًا عائشا في فقر مدقع.

يا أخي في الرَّبِّ لا شروط في علاقتنا مع الرَّبِّ. لم يشترط يسوع المسيح عندما قبل بخطة الفداء بل "وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ." (فليبي 2: 8). العلاقة مع الرَّبِّ هي علاقة عهد هو سيده وليست عقدًا بين جانبين، لأن لا مقوم فينا يجعلنا في مصاف الرَّبِّ، الذي سفك دمه الزكي من أجل محو خطايانا، فنقانا وهيأنا للدخول باسمه إلى الملكوت.

دعونا نأخذ عبرة من هذه القصة: أرملة لم تجد ما تقدمه من طعام عشاء لفلذات كبدها، صبرتهم مقنعة إياهم بأن القدر على النار وهي تنتظر كي يغلي الماء كي تضع اللحم فيه، لكن لم يكن الكلام كذلك لأن لم تكن ولو وَذْرَةُ لحم في القدر! بينما هي حائرة، متوجعة وتنظر بعيون دامعة إلى فلذات كبدها، وإذا بطرقات على باب الدار؛ قطعتْ قلقها؛ أسرعتْ وفتحته لتجد شخصًا يحمل صينية فيها ما لذ وطاب من الطعام يكفي لعشرة أشخاص "هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي."(رؤيا 3: 20).

من الأفضل أن نبقى جياعًا خير من أن نسعَى خلف شهوات العالم ونهلك نفوسنا ونخسرها لنحوز على المال "لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟"(متى 16: 26)، لأننا بنعمة يسوع المسيح أغنياء "فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ." (2 كورنثوس 8: 9). ولا داع لكي نحسد الأغنياء "فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ»."(لوقا 12: 20- 21). أعتقد أن نسبة كبيرة من الأغنياء لا ينامون قريري العيون، بل كثيرًا ما يهملون أمور أولادهم. لا يهتمون بالجوانب الروحية في حياتهم. ينسون أن أرواحهم هي في يد خالقهم. نعم للمال جاذبية قوية ولو ذهبنا خلفه فأنه لا محالة سيستعبدنا، لذلك الله يريد أن يحمينا من الوقوع في شركِ عبودية المال. ألا يخشى الأب على ابنه من الشرير وصديق السوء؟ أيها الأب ألا تسأل ابنكَ أو ابنتكَ وأنتَ تمنحهما مصروفهما اليومي أن يكونا حريصين في عملية الصرف لكي يتحاشا التبذير وأن لا يحبا المال أكثر من حبهما لوالديهما. لو أراد أيُّ منا أن يكون غنيًّا، فليكن فعلًا وكيلًا أمينا على المال أمام الله "فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ." (متى25: 21)، ويدفع العشور ويقدم التقدمات (مرقس 12: 42).

المحامي، مارتن كورش تمرس لولو

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع