• الدكتور باثجيت مدير مستشفى الناصرة وعيد القيامة في عام 1941 - بقلم بدر منصور

خدم الدكتور النيوزيلاندي وليم باثجيت William Bathgate كمديراً لمستشفى الناصرة منذ وصوله إليها في عام 1921 إلى أن تقاعد في خمسينيات القرن الماضي، وقدم هو وطاقمه خدمات طبية جمة لأهل الناصرة والمنطقة. 

تأسس المستشفى عام 1861 بواسطة ارسالية مسيحية اسكتلندية هي ارسالية ادنبرة الطبية، ولكن اهل الناصرة اطلقوا عليه اسم "المستشفى الإنجليزي" فلصق به هذا الاسم الى يومنا هذا.

وصل الدكتور باثجيت الى الناصرة عن طريق مصر في عام 1921 برفقة زوجته الأسكتلندية وابنته الصغيرة. وحال وصولهم إلى حيفا بالقطار، تمكّن باثجيت لحسن حظه من استئجار سيارة الأجرة الوحيدة التي كانت في تلك الفترة ويملكها بوتاجي، لتقلّهم إلى الناصرة.

ولم يمضِ طويل وقت حتى بدأ باثجيت بترميم المستشفى الذي تركه الجيش التركي في حالة من الدمار، وحسِبَ أن الجو صافٍ لحياة سعيدة بلا مشكلات في خدمة مسيحية، لكن لم تجرِ الرياح كما تشتهي السفن! 

فبعد وصولهم إلى الناصرة بقليل، بدأت تظهر على السيدة باثجيت أعراض مرض عقلي خطير، الأمر الذي اضطره إلى إرسالها إلى اسكتلندا، حيث بقيت لعشرات السنين في مصح – محجوبة في سجن عقلها – لا تعرف أحدًا ولا تعي من أمور عالمها شيئًا. عاش الدكتور باثجيت وحيدًا طوال هذه السنين مع طفلته الوحيدة بينما كانت تقبع زوجته في بلاد بعيدة في حالة غيبوبة شبه تامة.

ابتلت الحرب العالمية الثانية الدكتور باثجيت بمأساة مؤلمة أخرى. كانت ابنته الوحيدة حينها تلميذة في كليّة العلوم البيتية في جامعة ادنبرا (زميلة للدكتورة رونا مكّاي التي خدمت في الناصرة لسنين طويلة). وبينما كانت في زيارة لصديقة لها في ابزيك، شنت طائرات ألمانية غارة على تلك المدينة، فسقطت إحدى قنابلها على ذلك البيت في تلك الليلة، فلقيت حتفها. غير أن هذه المأساة لم تدفع الدكتور باثجيت إلى الاستسلام للأحزان والمرارة، بل انغمس في خدمة الإنسانية أكثر وأكثر.

وتقول الرواية إن الدكتور باثجيت تلقّى خبر وفاة ابنته الوحيدة بينما كان في رحلة في شرق الأردن في عيد الفصح، فما كان منه إلا أن شكر الرب على وصول هذا الخبر في يوم القيامة بالذات وليس في يوم آخر، لأن هذا هو اليوم الذي يعطي المؤمنين الرجاء بقيامة الأموات، وصمّم مع رفقائه على الاستمرار في الرحلة.

لقد كان ايمان الدكتور باثجيت هو الذي دفعه ان يأتي الى الناصرة ليخدم فيها، وكان ايمانه قوياً لا يتزعزع بالرغم من المآسي التي كانت من نصيبه، مما اعطاه القوة بالأستمرار في العمل في خدمة سيده المسيح المقام من بين الأموات.

المسيح قام، حقاً قام.  

الدكتور وليم باثجيت
الدكتور وليم باثجيت -
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع