• الاسلاموفوبيا - سوس ينخر في عودنا الرقيق وخطابنا الركيك - بقلم: المحامي بطرس منصور
الاسلاموفوبيا - سوس ينخر في عودنا الرقيق وخطابنا الركيك -   بقلم: المحامي بطرس منصور

منذ هجوم حركة القاعدة على برجي التوأم في نيويورك عام 2001 والخوف من الاسلام والمسلمين ينتشر في الغرب بما يسمى ب-"الاسلاموفوبيا" (الخوف من الاسلام). وقد زادت وتيرته منذ ظهور داعش واجرامها غير المسبوق والمتلفز. فنتيجة لفعل هذه الحركات اضحَت فئات عريضة في الغرب تخشى المسلمين ككل وتخشى دين المسلمين، سنّة وشيعة على السواء.

والاسلاموفوبيا تحمل معاني أبعد من مجرد الخوف من الاسلام والمسلمين بل ايضاً التحامل والكراهية والشيّطنة وهو بمثابة حالة خوف مرضية تسيطر على الوجدان.

وقد انتشرت الاسلاموفوبيا ايضا في شرقنا عامة وبين المسيحيين ايضاً. وتزيد الاسلاموفوبيا في بلادنا نتيجة حركات اسلامية متطرفة وشخصيات امثال بعض الشيوخ العدائيين والاقصائيين للغير في اقوالهم او اعمالهم ضد المسيحيين . كما ان انضمام فتية من ظهرانينا من ارجاء الجليل لتنظيم داعش لا يخفف من وطأة الاسلاموفوبيا . وربما كان اكثر ما ينمي روح الاسلاموفوبيا في بلادنا صمت السواد الأعظم من المسلمين واحجامهم عن شجب وادانة مظاهر العدائية المباشرة والمبطّنة ضد المسيحيين أو أي أقليات عددية اخرى في الشرق مثل الايزيديين والعلويين والدروز وغيرهم.

تناقض الاسلاموفوبيا في جوهرها تعليم الانجيل ويتوجب على المسيحي توخي الحذر من سطوتها للاسباب التالية:

1- الاسلاموفوبيا تعمم السلبية والعنف على كل المسلمين. انها تدمغ وتوسم مئات ملايين المسلمين المسالمين الاعتياديين في العالم البعيدين كل البعد عن داعش والنصرة والقاعدة وغيرها. عدد المسلمين في العالم يتجاوز 1.6 مليار انسان ومن الخطيئة اعتبارهم جميعاً ارهابيين او خطراً على الباقي. يسوع اعطانا مثالا لنتبعه في خرقه للافكار النمطية وللتعميم الجائر . اذ تخطى يسوع الحدود الاثنية والطبقية والجندرية وتفاعل بمحبة مع السامريين المنبوذين بأعين اليهود ومع العشارين المكروهين بأعين عامة الشعب ومع النساء وقد تعاملت المؤسسة الدينية والمجتمع الذكوري معهم بدونية.

2- الاسلاموفوبيا تتجاهل التاريخ الطويل للعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين في بلاد الشرق. الاسلاموفوبيا تقود الكثيرين لتكريس الغمامة السوداء من ارهابيين اسلاميين التي تجتاح العالم هذه الايام لتتناسى كل ما هو جميل وطيب في ماضينا وحاضرنا المشترك في الشرق.

3- ان احجام غالبية المسلمين من ادانة الحركات الداعشية هو للأسف طبيعي بين الشعوب. انه ينبع كما يبدو من الخوف نفسه او عدم الاكتراث.  فالالمان وهم شعب متطور بامتياز صمت كصمت المسلمين حين ازهق زعيمهم هتلر وجيشه النازي ارواح اليهود والروس والغجر وغيرهم قبل اقل من سبعين عاما.

4- يمر المسلمون في الشرق الاوسط اليوم بفترة حالكة تسمح بظهور الحركات الاسلامية الاقصائية العنيفة. واجه مسلمو الشرق (ومسيحيوها) ظروفاً سياسية واقتصادية أفضت الى الارض الخصبة لهذه الاعشاب الضارة. فبعد ان رزحوا في غياهب الاحتلال العثماني القاسي والغاشم لمئات السنين – ازالوا نيره عنهم وقد عمّ الجهل والتخلف. تبعه احتلال انجليزي وفرنسي اقل قهراَ ولكنه لم يسمح بتقدم الشعب وتنويره. ثم تبعه الصراع العربي-الاسرائيلي ومآسي الحروب وذل الهزيمة لتتبعه دكتاتوريات جثمت على صدره. تشبث هذا الشعب المقهور بالماركسية فتهاوت وتشبث بالقومية فاندثرت. اذا اضفت لذلك نعمة/نقمة أموال النفط الطائلة في الخليج  فمن هنا فان الشعب سيجد له الطرح الديني حلاً. تدفق اموال النفط على الحركات المتطرفة منها هي الوقود لاشعالها نيرانها في شرقنا. ان كل هذا ما هو الا غيمة قاتمة السواد ستزول.

5-   الاسلاموفوبيا تبث روح التقوقع والكراهية والانعزالية والانهزامية في نفوس المسيحيين فتقود الكثيرين للعيش في غيتوهات بعيدة عن المسلمين وتشجع آخرين للهجرة من هذه البلاد.

6- ان روح الخوف من المسلمين تناقض ما قاله الرسول يوحنا الحبيب :" لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف الى خارج لان الخوف له عذاب واما من خاف فلم يتكمل في المحبة" (1 يوحنا 4:18). اتى يسوع ليقدم محبته وخلاصه لكل الشعوب والاسلاموفوبيا  تجعلنا نخاف المسلمين فنبتعد عنهم فنجهل ظروفهم ونكرههم وبهذا نعصى كلمة الرب ان نحب كل الناس ونكون رسالة انجيل مفتوحة لهم.

محبة المسيح قادرة ان تطرح الاسلاموفوبيا الى خارج.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع