• الأدب المسيحي - المحامي مارتن كورش تمرس لولو
الأدب المسيحي - المحامي مارتن كورش تمرس لولو

لقد ظهرت معالم الأدب المسيحي في العهد الجديد تكملة للأدب العبري الذي ظهرت معالمه في العهد القديم. إذن للفكر المسيحي أدب خاص يقدر أن يستخدمه الكاتب وهو يستعين أو يستنبط من الكتاب المقدس. أن الكاتب المسيحي باللغة العربية حينما يكتب بأسلوب لاهوتي هذا لا يعني بأنه يستخدم أسلوبًا في الكتابة تختص به كنيسة معينة كأنها هي التي أوجدته، بل هو أدب الكتاب المقدس الذي بمقدور كل كنيسة أن تنهلَّ وتستنبط منه، بل به يتميز الكاتب المسيحي باللغة العربية عن غيره. أن عدم معرفة مصدر الأدب المسيحي متأت من مصدرين:

أولًا: أن معظم القراء لا يقرأون الكتاب المقدس الذي يتميز بأدب خاص نجده في الأسفار التأريخية، النبوية، المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال، رسائل أعمال الرسل ورسائل بولص ورؤيا يوحنا.

ثانيًا: يتحاشى معظم الكتَّاب المسيحيين باللغة العربية اِستخدام نمط أدب الكتاب المقدس في كتاباتهم ومقالاتهم لعدة أسباب، منها خشية الواحد منهم من أن يدخل في نقاش لا يقوى على احتوائه بسبب افتقاره إلى معلومات من الكتاب المقدس أو عدم إطلاع معظمهم على الكتاب المقدس إلا النزر اليسير منهم، هم الكهنة وطلاب علم اللاهوت.

أن إقتباس الكاتب المسيحي آيات من الكتاب المقدس يعطي لكتاباته روح الرقي والمصداقية. أن للأدب المسيحي أسلوب يضيف إلى الكتابة معانٍ شاملة تقرب الفكر البشري من فكر الله. إنه أسلوبٌ يجيب على العديد من الأسئلة خاصة الروحية والنفسية ويشرح للقارئ ما لا يعرفه عن الكتاب المقدس. إذا لا نقبل برأي البعض الذين يدعون أن أسلوب الأدب المسيحي معقد لا يقبل النقاش.

عندما أكتب باللغة العربية أستخدم نمط الأدب المسيحي يعني أنني ألائم أسلوب كتابتي للموضوع أو للقصة القصيرة أو للخاطرة مع الأسلوب الأدبي للكتاب المقدس، خاصة بعد أن تعرفتُ ووجدتُ في أدب الكتاب المقدس ما يميزه عن غيره من حقول الأدب بالذات من خلال مناهج كلية بيت لحم للكتاب المقدس. إضافة إلى الأسلوب المسيحي المميز، أضيف إلى كتاباتي السمة القومية الإنسانية، ثم أضيف إليهما السمة الوطنية العراقية. إذن مَن يقرأ لي سيتيقن عاجلًا بأنه يقرأ لكاتب مسيحي أشوري عراقي، وحالي كحال الكاتب المسيحي القبطي المصري. من خلال هذا الأسلوب الأدبي الكتابي يقدر القارئ أن يعرف رسالة الكاتب.

قد يثأر سؤال هنا: كيف تعرف أيها القارئ المسيحي الكريم أن كاتب موضوع ما، يُعبر عن ما يخالج أفكارك وينقل معاناتك إلى الآخرين إن لم يكتب بأسلوب موازي لأسلوب أدب الكتاب المقدس؟ لو كان يسوع المسيح قد تكلم وكرز وعلم بأسلوب أدب كاتب من كتَّاب عصره لما كنا اليوم نملك أدبًا مميزًا. لذلك تميز يسوع المسيح بأسلوبه المقارب لأسلوب العهد القديم. إذا حين يكتب أي كاتب من الكتّاب المسيحيين العراقيين أو المصريين أو الفلسطينيين أو... موضوعًا وهو يستخدم أعدادًا من إصحاح من إصحاحات العهد القديم أو العهد الجديد، هذا لا يعني أنه عضو من أعضاء كنيسة معينة بحيث لا يجوز لمن ليس عضوًا فيها استخدامه. يعتبر أن أسلوب أدب الكتاب المقدس مرجعًا لا يخص كنيسة معينة على الرغم من أن هناك كنائس كانت السبَّاقة في الأخذ بهذا الأسلوب، بل إقتبس كتَّابُها وكهنتها لكتاباتهم وأفكار تأملاتهم وكرازاتهم من أدب الكتاب المقدس، لم يخترعوا أسلوبًا في الكتابات الروحانية أو الإيمانية لذلك لا يُنسبُ إليهم، أبدًا أبدًا بل هو أسلوب معروف موجود أصلًا في أدب الكتاب المقدس. إذن لا يجوز لأي جهةٍ سواء أكانت كنيسة أو كاتب أو دار نشر أو كارز أن تُنسِبَ هذا الأسلوب في الأدب المتميز بخصائصه المسيحية إلى نفسها لأنها لم تبتكره.

أشعر كمحام ورجل قانون، حينما أرتكز بأسلوبي الأدبي في الكتابة على أدب الكتاب المقدس كأني أقفُ في قاعة المحكمة وأنا أقدم دفوعاتي مستشهدًا بمواد القانون من أجل كسب قرار الحكم لصالح موكلي في القضية التي توكلت بها. أندهش من بعض الزملاء في صفحات التواصل الإجتماعي عندما يقرأ لأحد ما كتب موضوعًا أو علق على صورة أو أضاف تعليقًا ما وهو يستخدم آية من الكتاب المقدس، من يقرأه على الفور يقول: " هذا الكاتب عضو في إحدى الكنائس الحديثة." على سبيل المثال عندما يتوفى شخص ما نقرأ على صفحات الفيسبوك التعاليقات التي تساير غير المسيحيين، كأن لا أسلوب أدبي لنا نحن المسيحيون في هكذا مواضيع.

إذا قلنا: "أسلوب إنجيلي" نقصد به أدب الكتاب المقدس في العهد الجديد.

ليس لك يا أخي القارئ سوى أن تكلفَ نفسك قليلًا وتقرأ الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد حينئذٍ ستعرف ستفهم ستدرك أن لنا نحن المسيحيون أسلوبًا خاصًا في أدب الكتابة والتأليف هو أسلوب أدب الكتاب المقدس الذي إبتكره أنبياء العهد القديم وسار عليه تلامذة الرَّبُّ يسوع المسيح.

أدعوكَ أيها الكاتب المسيحي باللغة العربية أن تجعل من أدب الكتاب المقدس أرضية لكتاباتك، حينئذٍ ستتميز بأسلوبك في الكتابة عن الآخرين، حتى ينبري في كتاباتك الهدف الروحي قبل الفكري والاجتماعي.

إن استخدام هذه العبارات لا يعني البتة أنها عائدة لكنيسة معينة بل مستنبطة من الكتاب المقدس:

" نام على رجاء القيامة. " (مرقس 5: 41)

" شماس إنجيلي."

" دخلت اختبارًا." (سفر الحكمة 18: 25)

ليس لي إلا أن أذكر في خاتمة المقالة هذه: شكري الجزيل للأستاذ أنطون دعيق الذي شجعني على الدراسة عن بُعد في كلية بيت لحم للكتاب المقدس، بهذه الدراسة عرفتُ بشكل جلي الأدب المسيحي.

 

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع