• الحياة الزوجية للشرقيين في السويد - المحامي، مارتن كورش تمرس لولو
الحياة الزوجية للشرقيين في السويد - المحامي، مارتن كورش تمرس لولو

سندرس اليوم العلاقات الزوجية للزوجين الشرقيين القادمين مع أولادهما أو لوحدهما إلى بلدان المهجر، ومثالنا مستنبط من العيش في مملكة السويد. تهدف هذه المحاضرة إلى شرح المشاكل الزوجية، ووضع الحلول الناجعة لها، والعمل على تحاشيها قبل وقوعها، أو على الأقل التقليل من نتائجها السلبية، وذلك وفق برنامج مبني على المحبة والاحترام ومن إيمانٍ مسيحي. أدعوا كل زوج وزوجة إلى التأمل في هذه الآية قبل أن يقرأ أو يستمع إلى هذه المحاضرة: "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ." (سفر التكوين 1: 27).

تنقسم المشاكل الزوجية إلى نوعين:

  • مشاكل خارجية (الجيران، الأصدقاء وغيرهم).
  • مشاكل داخلية تخص الزوجين نفسيهما.

أمّا المشاكل الخارجية، فمن المحتمل جدًا أن تزول بتكاتف وتفاهم الزوجين، والحلّ الأساسي لها هو عدم السماح للغير بالتدخّل في الحياة الزوجية إلا بما يخدم الخير والمصلحة المشتركة. أمّا المشاكل الداخلية، فهي التي سنخصّص هذه المحاضرة لإيجاد الحلول الناجعة لها. إذ إنّ العلاقة الزوجية في الشرق غالبًا ما تكون مبنية على الأسس الآتية:

أولًا: سلطة الزوج:

  • يتمتع الزوج بسلطة مطلقة داخل العائلة.
  • يُنظر إليه بوصفه موضع احترام.
  • هو مصدر الدخل الشهري للعائلة.
  • يُعدّ حامي العائلة والمدافع عن حقوقها.
  • هو صاحب القرار النهائي.

ثانيًا: الزوجة فاقدة السلطة:

  • تعمل على مدار 24 ساعة.
  • لا تمتلك قرارًا مستقلًا.
  • لا يتوجه لها الزوج بالشكر والامتنان.
  • إذَا أخطأ تجاهها، فلا يعتذر لها.
  • تتحمل غضبه وسوء تعامله، وإهماله لنظافته، وطول لحيته، ورائحة فمه وعدم استحمامه.
  • لا يراعي القواعد الصحية داخل البيت، لذلك يدخن في الغرف.
  • تتحمل منه الضرب والشتم.
  • لا تشارك في إدارة ميزانية البيت، وقد يصل الأمر إلى بيع البيت دون علمها.
  • قد تُجبر على المضاجعة حتى في حالات مرضها!

مرحلة الانتقال إلى بلدٍ مجاور، مثل تركيا أو الأردن أو سوريا:

تتّسم هذه المرحلة من حياة العائلة بالعديد من المشكلات؛ إذ يكون الزوج غالبًا بلا عمل، ويعاني دخلُ العائلة من القِلّة، مع اعتماد أفرادها على المبلغ المُرسَل شهريًا من الجهة التي تكفّلت بهم. كما يقضي الزوج معظم ساعات يومه في البيت، الأمر الذي قد يسهّل نشوب المشاحنات والخلافات مع زوجته. ولا يُستبعَد، في بعض الحالات، لجوء الزوج إلى إدمان الكحول نتيجة الفراغ اليومي الذي يعيشه.

مرحلة تغير العلاقات الزوجية بعد قدوم العائلة إلى مملكة السويد:

  • يصبح الزوجان متساويين في الحقوق والواجبات.
  • للأولاد حقوق قانونية واضحة.
  • لكل فرد دخل خاص به.

تغير العلاقة الزوجية بعد قدوم العائلة إلى مملكة السويد:

  • يصبح الزوجان متساويين في الحقوق والواجبات.
  • للأولاد حقوق إنسانية يحميها القانون.
  • لكل فرد مخصصات خاصة به، قبل العمل. كما له دخل شهري أثناء العمل.

سؤال: منْ من أفراد العائلة انتفع؟ ومنْ منهم تضرر؟

  • انتفعت الزوجة والأولاد.
  • تضرر الزوج، بحسب نظره، لأنه فقد سلطة القرار، ولم يعد المصدر الوحيد للدخل.
  • لم تعد العائلة بحاجة إلى “مدافع”، لأن القانون أصبح يحميها.

كيف أصبح وضع الزوجة بعد التغيير:

  • بدأت تسترد حقوقها المسلوبة تدريجيًا.
  • أصبح لها حسابها المصرفي الخاص بها.
  • نالت الاحترام من زوجها وأفراد عائلتها.
  • أصبح من واجب الزوج مساعدتها في أعمال البيت.
  • صارت تعمل، وتتعلم، وتقرأ، وتتنقل بحرية.
  • تُبدي رأيها.
  • لم تعد تُجبر على المضاجعة من قبل زوجها! كما كان الحال في الشرق.

المرحلة الخطيرة: فيها قد تتعرض العائلة إلى مشاكل يصعب حلها من قبل الزوج والزوجة، مما يحدو بالجهات المسؤولة في بلدية المدينة في مملكة السويد، التدخل، التي تأتي بمقترح انقسام العائلة، وأولها: الطلاق. لا سمح الله، قد يصل الأمر إلى فقدان الابن أو الابنة إلى الأبد، خاصة في العائلات التي لديها طفل واحد في سن المراهقة، وقد يصل في حالات أخرى إلى الانتحار، لا سمح الله. ننصح الزوجان باللجوء إلى مشورة رابي قاشا، راعي الكنيسة لأجل المساعدة في حلِّ مشاكلهما، قبل أن تتضخم وتصل إلى الجهة المعنية في بلدية مملكة السويد.

 

كيفية تفادي الطلاق:

نتمعن معًا في هذه الآيات من الإنجيل المقدس: "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي." (متى 5: 32). "وَلكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ الْمَسِيحُ، وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ، وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ." (1 كورنثوس 11: 3). "أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا،" (أفسس 5: 25). و"أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ، وَلاَ تَكُونُوا قُسَاةً عَلَيْهِنَّ" (كولوسي 3: 9). نضع بين أيديكم بعض الحلول التي نراها مهمة، استنادًا إلى خبرتنا القانونية والإنسانية، لأن الطلاق ليس حلًا، ولأن كليكما لم يتغير في جوهره. قبل الدخول في الحلول، على الزوجين الالتزام بما يأتي:

  • الذهاب معًا مع الأولاد إلى الكنيسة.
  • أرسال الأولاد إلى الكنيسة لتلقي دورسًا في التعليم المسيحي وتعليم اللغة الأم.
  • الاهتمام بالمظهر الخارجي للزوجين.
  • تغيير نمط الحياة الزوجية، وكسر الروتين اليومي، وتنويع الطعام، وترتيب أثاث البيت، والاهتمام بالنظافة، وبث روح الفرح، والسفر لما له من أثر إيجابي في النفس.
  • العناية بالنظافة الشخصية للزوج والزوجة، من رائحة الجسم والفم، إزالة شعر الإبط، نظافة القدمين، حلاقة اللحية وشعر الرأس، والتعطر قبل الدخول إلى فراش الزوجية).
  • الاهتمام بنظافة البيت، مع ضرورة تعاون الطرفين.
  • الامتناع عن إلقاء اللوم على الطرف الآخر في حالة وقوع الخطأ، وتجنب عبارات مثل: "أنت سبب المشكلة".

 

أما الحلول العملية فهي:

قبل أن نطرح الحلول المناسبة على حضراتكم، دعونا نتأمل سويًّا في هذه الآية: "وَلكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. " (أفسس 5: 24). (والخضوع هو مراعاة الشعور، لا عبودية ولا إلغاء لدور الخاضع.) [1] بل هو وفق محبة الزوج لزوجته واحترامه لها، والعكس صحيح.

  1. اللجوء إلى الهدوء التام، والجلوس مرة واحدة على الأقل أسبوعيًّا للحوار، بعيدًا عن الانشغال بالأعمال المنزلية. تشير الدراسات إلى أن 92% من أسباب الطلاق تعود إلى غياب الحوار المنطقي وخلوه من المحبة التي هي ركن أساسي في كل علاقة إنسانية "... مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ،" (أفسس 3: 19).
  2.   اللجوء إلى الصلاة "وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ" (متى 21: 22).
  3. الزواج مبارك من الله. لماذا نلغي بركته؟
  4.   الخروج معًا خارج البيت، والجلوس في متنزه أو مقهى، كلقاء حب في الهواء الطلق.
  5.   تذكّر أيام الحب الأولى، وأيام الخطوبة "لكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ: أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى." (رؤيا 2: 4) واستحضار الذكريات الجميلة، لما لذلك من أثر في الاسترخاء وتجديد المشاعر.
  6. التصالح قبل النوم ليلًا، خشية أن يستمر الخصام حتى في الصباح.
  7.   على المخطئ من الزوجين أن يعتذر.
  8.   أن يسأل كل واحد شريكه: «ماذا تحب فيّ؟ وماذا تكره فيّ»؟
  9. المحبة، الحب، كما قال الرَّبُّ: " فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ." (1 بطرس 1: 22)، فيتحول البيت إلى جنة على الأرض.
  10. التنازل عن العادات التي تزعج الطرف الآخر.
  11.  الامتناع عن الشتم والكفر، فالأول يزيل الاحترام، والثاني يبعد بركة الرَّبِّ عن البيت.
  12.   زيارة الكنيسة "لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ»." (متى 18: 20).
  13.   التفكير بمصير الأولاد ومستقبلهم "أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: »دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ«."(متى 19: 14).

 

نصيحة من شاهد عيان:

نتيجة لما شاهدته من قضايا الطلاق وتفرق أفراد العائلة في بلاد المهجر! أقول لكم: البقاء في الوطن، متكاتفين ومحِبّين لبعضكم، خيرٌ لكم ألف مرة من طرق أبواب الغربة والهجرة. بشرط أن يتنازل الزوج عن تسلطه ويحترم زوجته ويلغي من جدول تعاملاته كل أساليب العنف التي يمارسها ضد أفراد عائلته، ويحبهم ويفديهم بنفسه، كما فعل ويفعل يسوع المسيح مع كنيسته "أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا،" (أفسس 5: 25). وفق هذه الحلول تضمن العائلة الحفاظَ على كيانها، وحمايةَ أفرادها، والبقاء في كنيستها وتثبيت جذورها في بيتها وفي أرض الوطن.

 

المحاضر: مارتن كورش تمرس لولو

ملاحظة: المحاضرة، مزيدة ومنقحة.

ألقيت المحاضرة قبل عدة سنوات في قاعة مرعيثة مريم العذراء - الكنيسة الشرقية القديمة، في مدينة Göteborg مملكة السويد.

 

 

 

 

[1] نص الدرس السادس "الإنسان كذكر وأنثى" ص 35 والسطر 19 من مساق اللاهوت النظامي ج 1- خريف 2025

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع