• الملك حزقيا في مواجهة سنحاريب - بقلم القس حنا كتناشو
الملك حزقيا في مواجهة سنحاريب - بقلم القس حنا كتناشو

الرب ينقذنا (2 ملوك 18)

هجمَ سنحاريبُ ملك أشور على يهوذا وشعبِها وهيكلها وملكها حزقيا. لم يكتفي بأخذ ذهب مملكة يهوذا وهيكلها بل أراد أيضاً إذلالهم وتمتع بسحقهم وتشريدهم من أرضهم وتدمير دعوتهم أن يكونوا شعبا خاصا للرب. كانت رؤيتُه أن يبني أمبراطورية مبنية على العنف والقتل وتشريد الشعوب وتجريدهم من هويتهم وتاريخهم وثقافتهم. ولهذا أرسل رجال الحرب والسياسة. وساند الحرب الفعلية بالحرب النفسية والروحية. وهكذا تكلم ربشاقي مندوبا عن الإمبراطور سنحاريب. تكلم باللغة اليهودية وهي اللغة العبرية القديمة.

أراد ربشاقي تدمير المناعة الروحية والنفسية عند كل من يتمسك بالله المخلص ويلتـزم بالشعب المكرس لعبادة الله. أولا، حاول اقناعهم أنهم فاشلون. لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا. فلو أعطاهم ألفي فرس لا يستطيعون أن يجندوا المحاربين المقتنعين بالدفاع عن أورشليم (آ 23). لقد استصغرهم وأراد أن يتبنوا نظرته فيستخفوا بكل ما يستطيع الله أن يفعل من خلالهم. ثانيا، استخف بكل مساعدة ودعم يمكّنهم من مقاومته. فحتى مصر بكل عظمتها وجيوشها مثل قصبة مرضوضة وهشة لا تفيد شيئا، بل تثقب يد من يتكأ عليها (آ 21). فلا حاجة للبحث عن أي مساعدة من أي إنسان. وهكذا يستفرد سنحاريب بالشعب ويعزلهم عن كل رجاء وكل معونة قد يحصلون عليها. ثالثا، كذّب ربشاقي على الشعب مدعيا أن يهوه قد أرسله. فقال له: "اَلرَّبُّ قَالَ لِي اصْعَدْ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ وَاخْرِبْهَا" (آ 25). لقد استخدم الدين لتدمير إيمان شعب الله. واستخدم اسم الله باطلا. رابعا، استخدم التخويف ليجعل الشعب مشلولا لا يفكر إلا بنجاته. فقال بكل وقاحة وبصوت عالٍ وبلغة عبرية (يهودية) قديمة: "לאכל את חריהם ולשתות את שיניהם"  أي ليأكل رجال أورشليم وسخ التغوط ويشربوا بولهم (آ 27). خامسا، لم يعتبـر تفرد الله وعظمته بل ساواه بالآلهة الأخرى التي خسرت أمام آشور. فقال: "هَلْ أَنْقَذَ آلِهَةُ الأُمَمِ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْضَهُ مِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ؟أَيْنَ آلِهَةُ حَمَاةَ وَأَرْفَادَ؟ أَيْنَ آلِهَةُ سَفَرْوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟" (آ 33-34). وأضاف أن يهوه هو كأحد تلك الآلهة الخاسرة لا يستطيع شيئا أمام الإمبراطور وجبروته.

أمام هذا الهجوم والفيـروس الذي يدمر المناعة الروحية، قدم لنا النص مضادا فعّالا وأوجزه بكلمتين: الرب ينقذنا. علينا أن نرفع أعيننا إلى الرب وسط المعركة والتعييـر وسقوط حصوننا المنيعة. علينا أن نكرر: الرب ينقذنا فنسمعها ويسمعها شعبنا ويسمعها أعداؤنا. فثقتنا بالله لن تخزى. هو حقا ينقذنا وهو الإله المخلص المنقذ فلنتكل عليه. ولقد دُعي اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم (مت 1: 21). فلنتكل عليه.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع