"لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ." (سفر إشعياء 9: 6). تنبأ النبي إشعياء عن ميلاد المسيا يسوع المسيح قبل ما يقارب 700 سنة. كان ميلاد الرَّبِّ ولا زال عملًا عجيبًا، حيث ولد من امرأة هي القديسة مريم العذراء: "فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟«" (لوقا 1: 34). "فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ." (لوقا 1: 34 و35). ولكي يُزيل الملاك كل شك وخوف من قلب العذراء القديسة مريم أجابها بالدليل القوي " وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ«." (لوقا 1: 36 و37). لقد جمع الله بينهما لكي تقوي إحداهما الأخرى وقوتهما من قوة الروح القدس.
لقد عاشت مريم العذراء يتيمة تخدم في الهيكل إلى أن خُطِبتْ ليوسف "وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (متى 1: 20). من صعب أن لا تتعرض للاشهار في اليهودية، فتاة بكر بل وتخدم في الهيكل المكان المقدس، فتوجد حبلى! لذلك كان يسهل اتهامها ثم رجمها "وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِنًا. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسْطِ قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟« (يوحنا 8: 3- 5). لذلك كان في عمل الله حماية للقديسة مريم العذراء، بأنه تمت خطوبتها من يوسف، رجل مؤمن أمين على خطيبته القديسة مريم العذراء حتى حبلت من الروح القدس كأنها زوجة له لكنها لم تكن كذلك العلاقة بينهما ولا بينهما أمام الله لأنه الجنين الذي في رحمها هو من الروح القدس. لقد أثبت يسوع ولادته الروحية بأنه ولد من غير خطية "مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟" (يوحنا 8: 46). يا ترى هل يقدر أي منا نحن الخطاة أن نقول كما قاله يسوع المسيح؟ كلا، لأننا ولدنا نحمل الخطية فينا، يؤكد هذا قول النبي داود "هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي." (سفر المزامير 51: 5). وكذلك قول بولس الرسول ""فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ، فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. "(رومية 7: 20).
نُبُوَّة تحققت، قالها الله لنا ولكل الأجيال على لسان النبي إشعياء (سفر إشعياء 9: 6). وها هو النبي زكريا يذكر نُبُوَّة في سفره " اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ." (سفر زكريا 9: 9). "«أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ«." (ميخا 5: 2). كل هذه النبوءات هي لتقوية إيماننا، فولادة يسوع وحياته على الأرض بحدود 33 سنة وتعاليمه ووصاياه واختياره لتلاميذه، الذين لم يختارهم من علماء ووجهاء العالم بل "فَانْظُرُوا دَعْوَتَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنْ لَيْسَ كَثِيرُونَ حُكَمَاءَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لَيْسَ كَثِيرُونَ أَقْوِيَاءَ، لَيْسَ كَثِيرُونَ شُرَفَاءَ،" (1 كورنثوس 1: 26). ليس لنا اليوم يا أخي وأختي في الرَّبِّ يسوع المسيح إلا أن نحتفل جميعنا احتفالًا روحيًّا فيه تتجدد نفوسنا وأرواحنا ونحن نقرأ مؤمنين فرحين نُبُوَّة على لسان النبي إشعياء "وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ«." (إشعياء 7: 14)، يقتبسها الرسول لوقا: "»هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا." (متى 1: 23)، نعم بولادة يسوع المسيح أصبح الله معنا وصالحنا به نحن الذين تعدينا على وصاياه ولم نحفظ العهد معه، فكان الصمت الإلهي فترة 400 سنة "وَلكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ،" (2 كورنثوس 5: 18)، انتهت تلك الفترة بظهور يوحنا المعمدان الذي مهد لمجيء يسوع المسيح "أَجَابَ يُوحَنَّا الْجَمِيعَ قِائِلًا: «أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ، وَلكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ." (لوقا 3: 16). حتى يتحقق في كل واحد منا قصد الله " «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ الله«!" (متى 14: 33). {أن القصد الإلهي من فدائنا هو أن نكون "مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ،" (رومية 8: 29).} [1]
المحامي
مارتن كورش تمرس لولو
المرجع:
[1] ص 8 من نص الدرس "خلق الإنسان" مساق اللاهوت النظامي ج 1 – خريف 2025


RSS