• قانون في العالم الروحي: كلامنا يُكَوِّن عالمنا - بقلم: نبيل دكور
قانون في العالم الروحي: كلامنا يُكَوِّن عالمنا - بقلم: نبيل دكور

المحامي نبيل دكور هو طالب في كلية بيت لحم للكتاب المقدس

 

الأيمان قوة روحية (لا حسّية) تدفع المؤمن للتكلم بما يؤمن به

"وَعَنْ طَرِيقِ الإِيمَانِ، نُدْرِكُ أَنَّ الْكَوْنَ كُلَّهُ قَدْ خَرَجَ إِلَى الْوُجُودِ بِكَلِمَةِ مِنَ اللهِ. حَتَّى إِنَّ عَالَمَنَا الْمَنْظُورَ، قَدْ تَكَوَّنَ مِنْ أُمُورٍ غَيْرِ مَنْظُورَةٍ!" (عب 11:3).

واحدة من أهم وأقوى القوى الروحية المعروفة للإنسان قوة كلماتنا.  الكتاب يقول ان الله خلق السماء والأرض. في حين أن الله روح. إذاً ما خلقه الله من الأشياء التي نراها بأعيننا قد أتت من العالم الروحي.

الله خلق هذا العالم بكلمات. الله تكلم إلى العالم فأوجده-فأحضره إلى الوجود. قال الله "ليكن نور" آتى النور إلى العالم. النور كان موجود لكن عندما تكلم الله أحضر هذا النور إلى العالم. كما أن الله خلق العالم بكلامه هكذا نحن أيضا لنا المقدرة أن نخلق أو ندمر بكلمات أفواهنا فنحن مخلوقين على ذات صورة الله (تك1: 26 نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا).

يقول داود في مزمور 116: 10: "آمنتُ لذلِك تَكلّمتُ (أتكلم)".

داوود آمن بقوة الكلمات لذلك سبّح ورنّم. آمن داود أن كل المؤامرات لن تنجح ضده طالما وعد الله له صادق (سيصير ملكاً) ولأنه آمن واثقاً من محبة الله تكلّم وتضرّع وسبّح ورنّم مزامير.

الأيمان القوي لا بد ان يصاحبه إعتراف/إقرار بالأيمان الذي نؤمن به

نحن هنا نتكلم عن قانون روحي يختص بالكلمات التي نقولها- كلمات فمنا أو اعترافات الفم.. هل تعلم أن المسيحية يطلق عليها الاعتراف الأعظم. لماذا دعيت بهذا الاسم ؟ لأننا عندما خَلُصنا بالإيمان والأعتراف بالفم، آمنا بقلوبنا واعترفنا بأفواهنا:

"لأنّك أن اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِيَسُوعَ رَبّاً، وَآمَنْتَ فِي قَلْبِكَ بِأَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، نِلْتَ الْخَلاصَ. فَإِنَّ الإِيمَانَ فِي القَلْبِ يُؤَدِّي إِلَى الْبِرِّ، وَالاعْتِرَافَ بِالْفَمِ يُؤَيِّدُ الْخَلاَصَ" (رو9:10-10). الإعتراف/الأقرار/الإعلان بالفم هو شرط للخلاص، اذ لا يكفي الايمان بالقلب. الأعتراف هو الذي يدفعنا للخلاص.

ان كلمة اعتراف بالأصل اليوناني homologue  وتعني التكلم بنفس الشيء وفي توافق. اي تقول نفس الشيء وتعيد ما تكلم به الله او ما تقوله الكلمة .وان كان هذا المبدأ (الاعتراف بالفم) يعمل للخلاص فسيعمل على كل  شيء مؤسس ايضا على الخلاص. كلمة خلاص باليوناني هي   suzo  وتعني: التحرير، الحماية، الشفاء، الحفظ، الازدهار، الصحة والكمال. لذلك لا تكتفي بالأيمان ، عبر عن الأيمان وتصرف بناءاً عليه. "لنتَمسّك بأقرار (اعتراف) ألرّجاء راسخاً لأنّ الّذي وَعَد هُو أمينٌ" (عب 10: 23(. الأعتراف هو الأقرار والموافقة على ما يقوله الله عنا في كل مجال من محالات حياتنا وهو التحدث والنطق بمن نحن في المسيح وما يحق لنا في المسيح.

الأيمان بما نقول يؤدي حتما الى حدوث ما قلناها مهما كان:

" فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَيَّ مَنْ قَالَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْقَلِعْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ! وَلاَ يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ سَيَحْدُثُ، فَمَا يَقُولُهُ يَتِمُّ لَهُ". (مر23:11). الأنتباه للقول "إِنَّ أَيَّ مَنْ.." هذا الكلام ليس مُوَجّه للخدام والكهنة والمبشرين فقط، لكن لكل شخص- كل شخص دون استثناء أحد، قَالَ (أي ما تقوله- كلماتك) لِهَذَا الْجَبَلِ (الجبل هو أي مشكلة- عائق- ظرف- مرض- احتياج-.....) انْقَلِعْ وَانْطَرِحْ .

عليك أن تتكلم كلمات تتوافق مع ما ترغبه. تكلم كلام يوافق ما تريد - تكلم بما تريده- إن كنت تتكلم عن المرض وأنت تريد الشفاء والصحة فأنت تتكلم خطأ, لأنك يجب أن تتكلم بما ترغب فيه. ان كنت تتكلم عن الاحتياجات والمشاكل المادية فأنت لا تتكلم بما تريده-تكلم كلام يوافق رغبتك.

قوة اللسان

ام18: 21: " فِي اللِّسَانِ حَيَاةٌ أَوْ مَوْتٌ، وَالْمُوْلَعُونَ بِاسْتِخْدَامِهِ يَتَحَمَّلُونَ الْعَوَاقِب (واحباؤه يأكلون ثمرُهُ)".

كثير من المؤمنين لا يعرفون هذه الحقيقة وهي أن في كلماتهم التي يتفوهون بها قوة اما للحياة او للموت. فنجد ان معظم المؤمنين يعيشون حياة الهزيمة لأنهم يؤمنون ويتكلمون بطريقة خطأ. يتكلمون كلمات العدو التي تضعهم في الأسر. بكلامك إما تتبرر أو تدان لا يوجد وسط لذلك كل كلمة تخرج من فمك إما تأتى بحياة أو بموت. يمكن لكلماتك أن تحمل إيمان ومحبة ورجاء وتشجيع وبركات أو يمكن أن تحمل لعنات مخاوف وشكوك عدم إيمان وموت. قوة لسانك في كلماتك.

يصف الكتاب المقدس اللسان (يع 3:3-5) كلجام الخيل به نُدير الخيل حيث نريد وكدفة السفينة صغيرة لكنها تدير سفينة كبيرة, ويقوا الرسول يعقوب ان اللسان يفتخر متعظماً رغم صغره. لذلك فيمكنك أن تصنع وتخلق بلسانك أموراً ضخمة وكذلك ممكن أيضاً أن يصنع أموراً سلبية فحسبما توجه لسانك ستؤخذ لما تقوله. إستعمل لسانك لتخرج النعمة التي خزنتها بتفكيرك حسب الكلمة وقدم اعترافات ايمان بأن تطلق كلمات الله على حياتك

كلمة الكتاب المقدس وصفة للنجاح

يشوع 1: 8 "وَاظِبْ عَلَى تَرْدِيدِ كَلِمَاتِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ، وَتَأَمَّلْ فِيهَا لَيْلَ نَهَارَ لِتُمَارِسَهَا بِحِرْصٍ بِمُوْجِبِ مَا وَرَدَ فِيهَا فَيُحَالِفَكَ النَّجَاحُ وَالتَّوْفِيقُ."

هذا المقطع الكتاب يعلن الوصفة الكتابية للنجاح وهي ترديد كلمات هذه الشريعة. لم يقل الرب واظب على ترديد كلمات هذه الشريعة بقلبك ولكن قال واظب على ترديد كلمات الشريعة بفمك. اي ان تواصل التكلم والاعتراف بالكلمة وواظب على اعلان ما يقوله الله بخصوصك كما يطلب الرب التأمل فيها ليل ونهار. بينما تتكلم كلمة الله فهناك قوة مميزة ومحولة تطلق لتحول كل موقف معاند وسلبي ضدك لخيرك لان كلمة الله لها قوة مسيطرة.

تطبيق القانون - ممارسة اعترافات/اعلانات الأيمان

الأعتراف الثابت والمستمر لكلمة الله سوف يجعلها تسود وتنمو في حياتك مما يؤدى الى نتائج والحصول على ما توعد به الكلمة .يجب أن تدرك أن كلماتك لديها قدرة خلاقة فلا تتعجب مما يقوله عنك الكتاب بأن ما ستقوله سوف يحدث (كما ورد أعلاه في مرقس 11 : 23) فهذا واحد من الحقائق الكتابية التي ستجعلك تحيا حياة حرة من الخوف والقلق عالما أن كلماتك يمكنها أن تشكل عالمك. كل ما عليك فعله هو أن تكتشف ما تقوله كلمة الله عنك وتقولها عن نفسك, إستمر في قولها, وإستمر في التكلّم إلى الأشياء التي يقولها الله أنها تخصك وأنك صرتها حتى ولو كانت الظروف المحيطة تقول عكس ذلك. لا تستسلم ولا تهرب لتظل تشكل في الظروف المحيطة بك من خلال كلمة الله بهذه الطريقة.

سوف تشكل وتحدث تغيير بخصوص شفاءك,  ظروفك,  عائلتك,  عملك,  دراستك,  صحتك,  أو حتى شكلك و مظهرك.  وأيضا لن تكون مهزوم في الحياة فيما بعد.

ماذا يحدث عندما يُصاب جسدك بمرض؟ ماذا يحدث إذا مرض جسدك ؟ ما الذى ستقوله ؟ ما الذى تبدأ تتحدث عنه ؟  الله سبق وتكلم فيما ورد في (أش 53:3) أننا بجلدات يسوع وبجراحه شُفينا:  "وهُوَ مَجروحٌ منْ أَجْلِ آثَامِنَا وَمَسْحُوقاً مِنْ أَجْلِ مَعَاصِينَا، حَلَّ بِهِ تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا، وَبِجِرَاحِهِ بَرِئْنَا. ". هل لديك هذه الصورة في ذهنك أنك قد شُفيت بجلدات يسوع عند الصلب؟ معظم المؤمنين إذا مرضوا يكون لديهم هذه الصورة في أذهانهم "أنهم مرضى" . لا تنتظر الله ليتكلم إليك بهذا الوعد. الله تكلم لإبراهيم وأخبره بالوعد وتكلم إلى أشعياء وأخبرنا بالوعد. سبق وأخبرنا أننا قد شفينا. من قبل أن تولد والرب قد تكلم بهذا الوعد. من قبل أن نولد ونحن في نظر الله قد شفينا ونتمتع بالشفاء. "يسوع حمل هو بنفسه خطايانا في جسده على الخشبة وبجلداته شٌفينا" (1 بط24:2). لذا كل ما عليك أن تفعله هو أن تقف على هذا الوعد وتعلن الأشياء الغير موجودة وكأنها موجودة. تعلن أنك بجلدة المسيح قد شفيت. أنظر إلى ما قاله الله لك في (أِش 53 وفي 1بط 2). مجداً لله.

هذا الكلام ينطبق على أي شيئ تكلم عنه الله. مثلا الأمور المادية تجد أن الله تكلم لنا وأخبرنا أن: " الله يُسَدّدُ احتياجاتنا كُلها إلى التّمام وفقاً لغناه في المجد في المسيح يسوعف) " في4:19).

 الله تكلم بهذا  فقف على  هذا الوعد. لا تؤمن بأي شيئ اخر. لا تؤمن بما تراه أو تسمعه أو تمر به. أثبت على كلمة الله. وبعد ذلك تكلم كلمات توافق وتساير لما ترغبه فيه وتريده.

عندما تسوء أحوالك المالية لا تقول: يا إلهي ستصيبني كارثة مالية- سأفقد كل شيئ امتلكته- ستباع سيارتي ومنزلي- سيموت أولادي من الجوع. لا أعرف ماذا سأفعل... توقف عن الكلام بهذه الطريقة. تكلم وقل: أبارك الرب فبكل تأكيد سيخرجني الله مما أنا فيه. مجداً لله. هو يسدد احتياجاتي كلها إلى التمام. أنا أسلك واسير بالإيمان لا بالعيان: "لأننا بالأيمان نسلك لا بالعيان" (2كو7:5).  

الجهاد الحقيقي

معركة بين الظروف الوقتية الزائلة وبين حقيقتنا الروحية. هي معركة في قلبك لتغلب التحديات التي تواجهك في حياتك. علينا ان نطلق العنان لأيماننا في الظروف الوقتية المستعصية كي يفرض تغييرات تتماشي مع اعتراف ايماننا العنيد.

فلنتمسك بكلمة الله مستمرين في اعترافات افواهنا لمواجهة تحديات الظروف الشديدة لان هذه معركة مع عدو يخطط ويحاول التأكد من افشالك. العالم والعيان هو عدو ايمانك عدو للملكوت والسماوات، لكن يسوع قال:  "ثقوا انا غلبت العالم"  فالعالم بالنسبة لي مغلوب ويسوع سبق وغلب العالم واحضر لنا هذه الغلبة والانتصار.  نحن نسلك بهذا الايمان بيسوع وبكلامه ولا نسلك بالعيان حسب قوانين العالم. هذا هو الجهاد الحقيقي.

الله يطينا كل ما نقول ونطلب بأسم يسوع

أن لأسم يسوع سلطان ( قوة- سيادة مطلقة- قدرة عظيمة) ويسوع اعطانا هذا السلطان أن تستخدم اسمه .

سلطان المؤمن: مر16: 20-15: وَقَالَ لَهُمْ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ، وَبَشِّرُوا الْخَلِيقَةَ كُلَّهَا بِالإِنْجِيلِ: (16)مَنْ آمَنَ وَتَعَمَّدَ، خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ فَسَوْفَ يُدَانُ (17)وَأُولئِكَ الَّذِينَ آمَنُوا، تُلاَزِمُهُمْ هَذِهِ الآيَاتُ: بِاسْمِي يَطْرُدُونَ الشَّيَاطِينَ وَيَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ جَدِيدَةٍ عَلَيْهِمْ (18)وَيَقْبِضُونَ عَلَى الْحَيَّاتِ، وَإِنْ شَرِبُوا شَرَاباً قَاتِلاً لاَ يَتَأَذَّوْنَ الْبَتَّةَ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَتَعَافَوْنَ»

أسم يسوع فوق كل أسم: (في 9:2)″:  لِذَلِكَ أَيْضاً رَفَّعَهُ اللهُ عَالِياً، وَأَعْطَاهُ الاِسْمَ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ اسْمٍ، لِكَيْ تَنْحَنِيَ سُجُوداً لاِسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ، سَوَاءٌ فِي السَّمَاءِ أَمْ عَلَى الأَرْضِ أَمْ تَحْتَ الأَرْضِ.

الله يعطينا كل ما نطلب باسم يسوع: يو 16: 23 " وَفِي ذلِكَ الْيَوْمِ لَا تَسْأَلُونَنِي عَنْ شَيْءٍ. الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الآبَ سَيُعْطِيكُمْ كُلَّ مَا تَطْلُبُونَ مِنْهُ بِأسْمِي". 

كو 3: 17 وَكُلُّ مَا عَمِلْتُمْ بِقَوْل أَوْ فِعْل، فَاعْمَلُوا الْكُلَّ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، شَاكِرِينَ اللهَ وَالآبَ بِهِ

 

الخاتمة

إن كنت شخصاً مُخَلَّصًا (متعمداً ومؤمناً) أنت لك ذات السلطان الذي أعطاه المسيح للكنيسة الأولى. نحن لنا سلطان هنا على الأرض (ماذا يوجد أيضا على الأرض ؟ إبليس- الخطية- الأمراض- أوبئة- فقر). هذه هي الوصية العظمى التي أعطاها لنا المسيح في الكتاب  لك سلطان أن تخرج شياطين- لك سلطان أن تضع يداك على المرضى فيبرؤن.

لذلك دعني أقول لك شيئ: نحن لسنا مؤمنين مضغوطين- مأسورين- محبطين- مرضى- فقراء- ضعاف- محطمين. نحن أولاد لله العلي. نحن خليقة جديدة في المسيح يسوع. نحن وارثين لبركات إبراهيم. وشكراً لله. نحن شركاء للعهد الجديد الذي قطعه الله العلي معنا.

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع