• الشك - مارتن كورش تمرس لولو
الشك - مارتن كورش تمرس لولو

تعريف الشك: (إن الشك هو حالة ذهنية يكون الدماغ فيها معلقًا بين إفتراضين متناقضين.(1)

ما دمنا ندرس عن الشك إذن لا بد أن نعرج على توما الملقب بـ(التوأمين). كانت معظم أسألته عن الشك بدأت قبل الصلب وهو يسأل الرَّبِّ بلسان الشك: ( يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟)"يوحنا14: 5" لم يكن مثل بطرس مندفعًا، ولم يكن مثل بقية التلاميذ سامعًا، بل كان يسعى إلى أن يرى بأم عينيه ( فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ.)"يوحنا20: 25بـ"

يثأر سؤال هنا: أما كان يقدر الرَّبِّ أن يُؤنِّبَ توما: "لماذا شككت بيَّ يا توما؟"هل كان توما مصرًا أن يعرف الرَّبَّ بعقله؟ فلا يؤمن إلا إذا رأه بأم عيونه.

سؤال: يثأر سؤال هنا: أما كان يقدر الرَّبُّ أن يقول لتوما: "لماذا شككت بيَّ يا توما؟ ثلاث سنين قضيتها معكم والآن تشك فيَّ" لكن الرب لم يتبع شريعة "العين بالعين والسن بالسن"  لا يفكر الرَّبُّ كما يفكر الإنسان، بل يريد من الإنسان أن يقبل بتفكير الرَّبِّ.

نعم لم يعرف توما إلى أين سيذهب الرَّبُّ، لأن الشك غلبه. لم يعرف أن الرَّبَّ جاء ليفديه هو ونحن على الصليب. أحيانًا كثيرة نخرج من البيت ولا نعرف إلى أين هي وجهتنا! إن لم تعرف/ تعرفي ليس عليك سوى أن ترفع رأسك إلى السماء وتسأل الرَّبَّ عن الطريق الصواب ( أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ.)"يوحنا14: 6" يبدو أن توما كان مصرًا أن يرى يسوع المسيح بعينيه ويميزه بعقله وليس بقلبه. هيا يا أخي/ أختي في الرب نرى الرب بقلبنا. إن كانت هناك قملة شكٍّ في قلبك حذاري من أن تلجأ إلى تحكيم عقلك! لأنك بهذا تسعى إلى المستحيل، تريد إحتواء اللامحدود بعقلك المحدود. بل خذ بالإيمان به نقي قلبك عندئذٍ ستزيل كل شكٍّ ولن تصبح بعدئٍّ غير مؤمن. ستجد حب الرب قد ملأ قلبك وما عادت فسحة بقدر رأس إبرة تتسع للشك. هل جربت أن تعمل بالحب؟ صدقني سترى في الذي تحبه ما لا يراه غيرك. بالحب تقدر أن تمحو كل شك في الإنسان الذي نحبه. لأننا لا نرى فيه أية شائبة كله جميل.

هل كان شك توما في محله؟ لقد سمح به الرَّبُّ لكيلا نأتي نحن اليوم ونشك في الرَّبِّ. لقد قصر علينا توما درب الشكِّ، لو لم يكن توما قد شك وبطرس أنكر ويهوذا الإسخريوطي خان، لكنا اليوم نحن نشك وننكر ونخون لكن بمعونة الرَّبِّ أصبحنا من الذين (طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا.)"يوحنا 20: 29ب"

سؤال/ لماذا نشك؟ ما هو سبب الشك؟ إن حدث وشككنا ماذا نفعل؟ هل هو مرض نفسي موجود في البعض وغير موجود في البعض الآخر؟ ما هو الحل لكيلا نخسر الرب ثم نخسر كل بركاته. نأخذ بالعقل كمساعد لعملية الثقة بما لا يرى وليس كعامل رئيسي، بل نسمح للقلب أن يقود العملية، ثم نأخذ بالصلاة، لأن الشك هو تجربة لنا من الشيطان لن نقوى على تخطيها سوى باللجوء إلى الرَّبِّ.

إذن يصبح الإنسان الشكاك أمام حالتين متناقضتين. يسمح فيها للشيطان أن يدفعه على الأخذ بالشك ورفض الثقة. وسيلة إثبات الشك هي البرهان الملموس أو المادي. أما الثقة فلا تحتاج إلا إلى ( قَلْبًا نَقِيًّا)"سفر المزامير51: 10 " لأنها النظرة الإيمانية التي وفقها نحقق رغبة الرب فينا، فنكون في دائرة الإيمان محميين بقوة الرب من كل أشواك الشك التي بيد الشيطان.

مصير الشكاك: انظروا مصير أبوينا آدم وحواء. قايين، شَأُولُ... "لم يولد الإنسان شكاكًا، بل هو يختار الشك كما يختار الشرير الشر." (2)

مثال من الواقع، في السبعينيات من القرن الماضي كنت شاهدًا على هذا الحوار، ( قال السيد المفتش في تربية أربئيلو مصطفى للمعلم الشاب م. م:" يا معلم أن خطيبتك غير جميلة!" صمت لحظة المعلم ثم أجاب: "هيا إستعر عيوني لكي تنظر بها إلى حبيبتي فتجدها من أجمل فتيات العالم." كأن المعلم يقول لصديقه وجاره المفتش: " يا جاري أنني أرى في خطيبتي ما يخفى عن أنظارك. أنا أرى فيها الجمال الروحي، أنت ترى جمال الوجه." هيا يا أخي وأنظر إلى الرب بعيون الإيمان الممنوحة لنا من الرَّبِّ في قلوبنا، عندئذ ستمحو كل شك من قلبك وستجد رغبة الرَّبِّ فيك وأنت تسمح له أن يبني في قلبك الإيمان الذي من غيره لا حياة تكتب لك.

كيف ستجيب لو زوجكَ/ زوجكِ قال لكَ/ لكِ لا أثق بكَ/ بكِ إن لم تفتح موبايلكَ/ موبايلكِ حتى أعرف كل الأشخاص الذين تتصلْ/ تتصلي بهم؟ يأتي الشك من بودقة عدم الإيمان، يفرح به الشيطان حتى نرى الذي لا يؤمن يغور في الخطية وقد أخذ من فكرة شكِّه أسلوبًا في الحياة.

مصير الشكاك: ما دام قد إختار عدم الإيمان يعني إختار طريقه نحو الهلاك فأصبح ذنبه على رأسه، مبتعدًا عن الله رويدًا رويدًا غير مبالٍ بالشريعة التي يجدها في الكتاب المقدس وقد قسَّ قلبه وأوقف العمل بعقله. علينا أن نطيع الله ولا نسعى لكسر العهد معه بل ننقي القلب ونحكم العقل فنثق بالله.

نتائج الشك:

  • نكران الله.
  • الإنعزال.
  • الشك بكل شيء بل بأقرب الناس.
  • خسارة  بركات كثيرة أعدها الرب للإنسان.
  • إن لم يرجع الشكاك عن طريقه سيتحول إلى كافر ملحد.

هل من الصواب أن نترك الشخص المملوء بالشكِّ يعيش بيننا دون أن نثبت له بإستنارة من الروح القدس، أن الشكَّ كالظلام يصعب عليه العيش فيه. لذلك لا بدَّ أن نتطوع لتخليصه من شكه. إذن ما هي الوسائل التي يتصف بها الشخص الذي تطوع لكي ينصح الشكاك؟

  • دعوته إلى الصلاة.
  • فهم سبب الشك.
  • الثقة عند التكلم معه.
  • عدم تفضيل نفس المتكلم عليه.
  • عدم إدانته.
  • التكلم بهدوء مع الشكاك.
  • الإستشهاد بشخصيات من الكتاب المقدس، شكوا في الرَّبِّ، مع ذكر قصة توما الشكاك.
  • تقديم إثباتات مقنعة له.
  • إدامة العلاقة معه وعدم قطعها حتى لو فشلتَ في الجولة الأولى.

كيف نتخلص من الشك؟ إن أقصر طريق مريحة للتخلص من الشك هي الأخذ بالإيمان. بمجرفة الإيمان نقلع أشواك الشك من قلوبنا. بالشك نهلك. بالإيمان تطمئن نفوسنا ( وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى.)"عبرانيين11: 1" علينا بالصلاة، بالصوم كي نتصرف بحكمة، نشعر بنقاء قلوبنا التي سكنها الإيمان، بهذا نجعل من العقل مساعدًا وليس عدوًا.

قبل أن نختم الموضوع دع الواحد منا يصلي: يا رَبُّ لا تدعني أشكُّ فيك لحظة، أتعلم من إختبار توما الذي شكَّ بك يا رَبُّ، حتى ندم وأجاب معتذرًا (رَبِّي وَإِلهِي!)"يوحنا 20: 28" ثم آمن. من غير قوتكَ يا رَبُّ أخشى أن يأخذني الشكُّ بعيدًا عنكَ حتى أتحول إلى عصافة قش في مهب الريح، اجعل يا رّبُّ صلاتي ( فَصَعِدَ دُخَانُ الْبَخُورِ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ مِنْ يَدِ الْمَلاَكِ أَمَامَ اللهِ.)"رؤيا8: 4""باسم يسوع المسيح أسأل وأتوسل. آمين

بقلم/ مارتن كورش تمرس لولو

الطالب في كلية بيت لحم للكتاب المقدس

المصدر

1) موقع https://ar.wikipedia.org

2) كراس "الانسان أمام الله" الناشر الأب أيوب شهوان

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع