• العيد إلنا ! بقلم روان صبّاح منيّر
العيد إلنا ! بقلم روان صبّاح منيّر

لقد شاركنا انا وزوجي واطفالي في بزار عيد الميلاد الذي أقيم في فندق النوتردام في القدس- التابع للكنيسة الكاثوليكية. لقد كان هذا البزار الأكبر في القدس وشمل أكثر من 50 محطة لبيع المنتوجات المختلفة والمميزة التي صنعت يدوياً. ما يلفت الانتباه بشدة في هذا البزار هو نوعية الأشخاص الذين دُعوا وشاركوا لبيع منتوجاتهم.

لقد كانوا من جميع أطياف المجتمع الفلسطيني في القدس والضفة مع التشديد على الاعمال النسائية, وأيضاً من جميع الخلفيات الدينية في البلاد: نساء فلسطينيات مسلمات, نساء لاجئات افريقيات من مدينة تل-ابيب, نساء لاجئات مسلمات من مخيمات فلسطينية متعددة, نساء مسيحيات فلسطينيات, جمعيات خيرية كمؤسسة مريم لمرضى السرطان والمزيد. لقد منح هذا البازار منصّة للأمور التالية: (1) للمواهب والابداع (2) لأشخاص ليسوا من الخلفية المسيحية (3) للمهمشين في المجتمع كالنساء واللاجئين (4) لمرضى السرطان (5) للأعمال والمبادرات الصغيرة.

انها الشمولية والاحتفال بالتنوّع.

 كيف من الممكن أن يعكس بازار عيد الميلاد قصة الميلاد ؟

نرى في قصة الميلاد أن الشخصيات المركزية هي ذات تنوع من ناحية الجيل, المكانة والحالة الاجتماعية, والخلفية الايمانية. فكان سمعان الشيخ, زكريا واليصابات متقدمين في السن, كانت مريم فتاة شابة ويوسف أيضا, وكان يوحنا المعمدا ن طفلاً. من ناحية المكانة الاجتماعية - كان زكريا كاهناً, ويوسف نجاراً, واليصابات ربة منزل, ورعاة الغنم, والمجوس علماء الفلك الذين كانوا ايضا أجانب وغرباء, وعلى الأرجح لم يكونوا مؤمنون بالله. اما من ناحية الحالة الاجتماعية – فكان سمعان الشيخ أرمل, زكريا واليصابات متزوجان, يوسف ومريم مخطوبان, ومريم العذراء البتول.

جميعهم فرحوا بميلاد المسيح. فجميعنا أبناء الله وجميعنا مدعوين أن نأخذ جزء في مائدته " لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (رسالة غلاطية 3 :28).

لنسأل انفسنا اليوم كيف نحتفل بالميلاد ؟ هل نركز في انفسنا فقط وفي علاقتنا الفردية مع الله؟ ام نعيش الميلاد عن طريق تجديد أذهاننا لتقبل الاخرين, محبتهم بحق بالاعمال وليست الاقوال, الاهتمام بهم, وشملهم في حياتنا, بالأخص الأشخاص المختلفين عنا.

ان قصة الميلاد هي مثال حي للاحتفال بتنوعنا وبإختلافاتنا وهي دعوة للسعي الى شمل الاخرين في حياتنا بالأخص من هو مختلف عنا. انها فرصة لنفكر بمعتقداتنا التي من الممكن ان تكون مبنية على أسس عنصريّة, استعلائية, نابذة للمختلفين عنا, وداعمة فقط للأشخاص المنتمية الى مجموعاتنا وقوقعتنا.  ان قصة الميلاد تضع امامنا التحدي أن نخرج من دوائرنا المريحة وأن نفحص كأفراد وككنائس معتقداتنا وان نتحدث عنها بكل صراحة. اذا كنا نعتقد أننا على طريق الصواب فإننا نخدع انفسنا لأننا جميعنا نعاني من أفكار مسبقة ونمطية, ولكن كمؤمنين, علينا رفض هذه العقلية وامتحانها دائما.

لقد مثل هذا البزار صورة الميلاد الحقيقية والتي انعكست بالفعل وليس فقط بالوعظ والكلام من على المنابر.

لقد اتى المسيح من أجل الجميع وساند وقضى وقت بالأساس مع الخطاة, الزناة, المرضى, المنبوذين والمهمشين في المجتمع. لم يهتم فقط في المؤمنين به بل أبدا اهتمام حقيقي بمن هو مختلف عنه, لقد راه وقضى وقتًا نوعياَ معه.  

اذا لم يكن ميلادنا شبيه بقصة الميلاد التي تضع في المركز المهمشين في المجتمع وبالأساس من هو مختلف عنّا, فإنه ليس ميلادا حقيقيا.

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع